بسبب التضخم.. الأسرة الغربية تواجه مشكلات انخفاض الإنجاب والعمل بأكثر من وظيفة

بسبب التضخم.. الأسرة الغربية تواجه مشكلات انخفاض الإنجاب والعمل بأكثر من وظيفة

"ما الفائدة من تكوين أسرة إن لم يكن المرء يستطيع حتى أن يرسل أطفاله إلى المدرسة؟!"، مقولة تلخص فلسفة الأسر الغربية في ما هو قادم تزامنًا مع أزمة اقتصادية يشهدها الغرب.

تنعكس الأزمات في المقام الأول على الأسر، التي وجدت نفسها بين يوم وليلة تعاني ارتفاع أسعار كبيراً، ما يضعهم أمام خيار من اثنين، إما تقليل النفقات وأولها الامتناع عن أنجاب الأطفال ومن ثم تناقص أعداد المواليد، وإما العمل بأكثر من وظيفة لتوفير ما لا يقل عن 300 ألف دولار على الأقل، وهو تكلفة تربية طفل منذ ولادته حتى التحاقه بالمدارس الثانوي، وفقًا لدراسة حديثة. 

وأعلنت وزارة العمل الأمريكية، عن أن التضخم قفز في الاثني عشر شهرًا الماضية حتى يونيو إلى 9.1%، وهو أكبر ارتفاع له منذ نوفمبر 1981، وتبع ارتفاعًا بنسبة 8.6% في مايو.   

وتسارعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة في يونيو 2022، مع استمرار ارتفاع تكاليف البنزين والمواد الغذائية، مما أدى إلى أكبر زيادة سنوية في التضخم في نحو 42 سنة، وعزز موقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، وانعكس بدوره على الأسعار ارتفاعًا.

300 ألف دولار لكل طفل

وفقًا لتقارير صحفية، فقد ارتفعت تكلفة تربية طفل من لحظة ولادته وصولاً إلى المدرسة الثانوية، في الولايات المتحدة، إلى أكثر من 300 ألف دولار، بسبب التضخم الذي يقترب من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود، وفقاً لتقديرات معهد "بروكينجز".

وذكر المعهد إن إجمالي تكلفة السنة بما في ذلك السكن والغذاء والملابس والرعاية الصحية ورعاية الطفل أنشطته، ارتفع 26011 دولاراً أو أكثر من 9% مقارنةً بحساب يستند إلى معدل التضخم قبل عامين وقبل أن ترتفع الأسعار بشكل كبير. 

وبحسب المعهد، فإن "الكثير من الناس سوف يفكرون مرتين قبل أن يكون لديهم طفل أول أو طفل لاحق لأن كل شيء بات يكلف أكثر"، وأحياناً "قد تشعر أيضاً بأن عليك أن تعمل أكثر".

أكدت دراسة أجراها "معهد القياسات الصحية والتقييم بجامعة واشنطن" تراجُع معدلات الخصوبة (عدد الأطفال الذين تنجبهم المرأة خلال حياتها) في 91 دولة حول العالم، بما يقلل قدرتها على الحفاظ على إجمالي عدد سكانها في الوقت الحالي. 

انخفاض عدد المواليد في أمريكا

وفقًا لتقارير في هذا الشأن، فقد استمر عدد المواليد في التراجع عام 2020 في الولايات المتحدة ووصل إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من 40 عاماً، وذلك رغم عمليات الإغلاق التي توقع البعض أن تؤدي إلى ارتفاع نسبة المواليد.

وقال المركز الوطني للإحصاءات الصحية في تقريره: "هذه السنة الخامسة على التوالي التي ينخفض فيها عدد الولادات، ويسجل أدنى مستوى منذ عام 1979". 

ومع الأخذ في الاعتبار التطور السكاني، كان معدل الخصوبة عام 2020 هو الأدنى على الإطلاق في البلاد وبلغ نحو 1.6 طفل لكل امرأة.

كما انخفض بنسبة 4% مقارنة بالعام السابق، وهذا الرقم أقل بكثير من المعدل اللازم للجيل لتجديد نفسه "2.1 طفل لكل امرأة". 

وانخفض معدل المواليد لكل امرأة لجميع الفئات العمرية بين 15 و44 عاماً، وبين المراهقات، وصل معدل الولادات إلى مستوى منخفض جديد بلغ 15,3 مولود لكل ألف امرأة تراوح أعمارهن بين 15 و19 عاماً "بتراجع 8% مقارنة بعام 2019". 

أزمة اقتصادية واجتماعية

قال أستاذ الاقتصاد، رشاد عبده: "إن التضخم قد ارتفع على أوروبا وأمريكا بشكل كبير، وأمس أعلنت بريطانيا أن التضخم وصل لديها إلى 10%، وعليه ارتفعت الأسعار، ولأول مرة من عدة شهور تظهر أزمة لبن الأطفال في أمريكا، فالتضخم يغزو العالم كله فلا يعرف دولة دون أخرى لأن أسبابه واحدة؛ الطاقة والمواد الغذائية اللذين ارتفعا في كل الدول، كذلك حدث إضراب عمالي في أمريكا بسبب التضخم وارتفاع الأسعار، لقد ارتفعت تكاليف أعباء الحياة في كل القطاعات، ولا يستطيع الشعب العيش كما السابق، ولذلك وبشكل تلقائي نرى نتائج هذه الدراسة عن تكلفة تربية طفل، بلا جدال ارتفعت أسعار المعيشة ومن الممكن في المدى القصير حدوث اضطرابات ومشكلات ومطالب فئوية".

وتابع في تصريحات لـ"جسور بوست":"ما يعانيه الشعب الأمريكي من تكاليف زائدة وضغوط زائدة نتيجة للتضخم له آثار اقتصادية واجتماعية، ما يضعهم أمام خيارين؛ إما أن يخفض التكاليف أو رفع الدخل بعمل ثانٍ وهذا أمر جلل لدى الأوربيين والأمريكان، فلا مفهوم لديهم لفكرة أن يعمل أحدهم عملين، فلا يمكن أن يقضي أحدهم نهاية الأسبوع في عمل ما وإنما يأخذونه للمتعة والراحة، بحيث يعودون متجددين وتكون لديهم القدرة على العطاء، إذاً فليس لديهم سوى تخفيض أو تفادي ما يمكن تفاديه مثل إنجاب الأطفال الذين أصبحت تكلفة إنجابهم مرتفعة للغاية، خاصة أنه ليس لديهم البعد العاطفي مثل ما هو موجود في الشرق الأوسط، بل ولديهم انفتاح في العلاقات بأنواعها كافة، وكانت هناك دراسة تنص على أن الشذوذ ومجتمع الميم سيؤثر على تعداد المواليد الجدد".

واستطرد:" ماذا سيحدث إذا قل عدد المواليد، على ماذا تقوم الدولة، ولذا لجأت المستشارة الألمانية السابقة ميركل في سنة من السنين إلى استجلاب مليون طفل من إفريقيا وجنوب الصحراء بسبب الشيخوخة السكانية، فنقصان المواليد يعني أنه ليس هناك أيادٍ عاملة ولا مصانع قوية ومن ثم لا إنتاج ولا تطور ولا تنمية ولا تصدير". 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية